سورة الحج - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحج)


        


{إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23) وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (24) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25)}
{يُحَلَّوْنَ} عن ابن عباس: من حِلَيت المرأَةُ فهي حال {وَلُؤْلُؤاً} بالنصب على: ويؤتون لؤلؤاً، كقوله: وحوراً عيناً. ولؤلؤاً بقلب الهمزة الثانية واواً. ولولياً؛ بقلبهما واوين، ثم بقلب الثانية ياء كأدل. ولول كأدل فيمن جرّ. ولولؤ، وليلياً، بقلبهما ياءين، عن ابن عباس: وهداهم الله وألهمهم أن يقولوا الحمد لله الذي صدقنا وعده، وهداهم إلى طريق الجنة. يقال: فلان يحسن إلى الفقراء وينعش المضطهدين، لا يراد حال ولا استقبال، وإنما يراد استمرار وجود الإحسان منه والنعشة في جميع أزمنته وأوقاته. ومنه قوله تعالى: {وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله} أي الصدود منهم مستمرّ دائم {لِلنَّاسِ} أي الذين يقع عليهم اسم الناس من غير فرق بين حاضر وباد وتانيء وطاريء ومكي وآفاقي. وقد استشهد به أصحاب أبي حنيفة قائلين: إنّ المراد بالمسجد الحرام: مكة، على امتناع جواز بيع دور مكة وإجارتها. وعند الشافعي: لا يمتنع ذلك. وقد حاور إسحاق بن راهويه فاحتجّ بقوله: {الذين أُخْرِجُواْ مِن ديارهم} [الحج: 40]، [الحشر: 8] وقال: أنسب الديار إلى مالكيها، أو غير مالكيها؟ واشترى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه دار السجن من مالكيه أو غير مالكيه؟ {سَوَآء} بالنصب: قراءة حفص. والباقون على الرفع. ووجه النصب أنه ثاني مفعولي جعلناه، أَي: جعلناه مستوياً {العاكف فِيهِ والباد} وفي القراءة بالرفع. الجملة مفعول ثان. الإلحاد: العدول عن القصد، وأصله إلحاد الحافر. وقوله: {بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} حالان مترادفتان. ومفعول {يُرِدْ} متروك ليتناول كل متناول، كأنه قال: ومن يرد فيه مراداً ما عادلاً عن القصد ظالماً {نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} يعني أَنّ الواجب على من كان فيه أن يضبط نفسه ويسلك طريق السداد والعدل في جميع ما يهمّ به ويقصده. وقيل: الإلحاد في الحرم: منع الناس عن عمارته.
وعن سعيد بن جبير: الاحتكار.
وعن عطاء: قول الرجل في المبايعة: «لا والله، وبلى والله، وعن عبد الله بن عمر و أنه كان له فسطاطان، أحدهما: في الحل، والآخر في الحرم، فإذا أراد أن يعاتب أهله عاتبهم في الحل، فقيل له، فقال: كنا نحدث أن من الإلحاد فيه أن يقول الرجل: لا والله وبلى والله». وقرئ: {يرد} بفتح الياء من الورود، ومعناه من أتى فيه بإلحاد ظالماً.
وعن الحسن: ومن يرد إلحاده بظلم. أراد: إلحاداً فيه، فأضافه على الاتساع في الظرف، كمكر الليل: ومعناه من يرد أن يلحد فيه ظالماً. وخبر إن محذوف لدلالة جواب الشرط عليه، تقديره: إن الذين كفروا ويصدون عن المسجد الحرام نذيقهم من عذاب أليم؛ وكل من ارتكب فيه ذنباً فهو كذلك. عن ابن مسعود: الهمة في الحرم تكتب ذنباً.


{وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26)}
واذكر حين جعلنا {لإبراهيم مَكَانَ البيت} مباءة، أي: مرجعاً يرجع إليه للعمارة والعبادة. رفع البيت إلى السماء أيام الطوفان وكان من ياقوتة حمراء، فأعلم الله إبراهيم مكانه بريح أرسلها يقال لها: الخجوج، كنست ما حوله، فبناه على أسه القديم. وأن هي المفسرة.
فإن قلت: كيف يكون النهي عن الشرك والأمر بتطهير البيت تفسيراً للتبوئة؟ قلت: كانت التبوئة مقصودة من أجل العبادة، فكأنه قيل: تعبدنا إبراهيم قلنا له: {لاَّ تُشْرِكْ بِى شَيْئاً وَطَهّرْ بَيْتِىَ} من الأصنام والأوثان والأقذار أن تطرح حوله. وقرئ: {يشرك} بالياء على الغيبة.


{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27)}
{وَأذّن فِي الناس} ناد فيهم.
وقرأ ابن محيصن: {وآذن} والنداء بالحج: أن يقول: حجوا، أو عليكم بالحج.
وروي أنه صعد أَبا قبيس فقال: يا أيها الناس حجوا بيت ربكم.
وعن الحسن أنه خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أمر أن يفعل ذلك في حجة الوداع {رِجَالاً} مشاة جمع راجل، كقائم وقيام. وقرئ: {رجالاً} بضم الراء مخفف الجيم ومثقلة، ورجالي كعجالي عن ابن عباس {وعلى كُلّ ضَامِرٍ} حال معطوفة على حال، كأنه قال: رجالاً وركباناً {يَأْتِينَ} صفة لكل ضامر، لأنه في معنى الجمع. وقرئ: {يأتون} صفة للرجال والركبان. والعميق: البعيد، وقرأ ابن مسعود: {معيق}. يقال: بئر بعيدة العمق والمعق.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8